خبراء "زلزال شرق المتوسط ربما يكون بداية لعهد جديد في علاقات دول المنطقة"

تحليلات 12:16 21.02.2023

ضرب زلزال مدمر منطقة جنوب شرق تركيا وشمال سوريا فجر الإثنين 6 فبراير 2023، وبحسب خبراء الجولوجيا والزلازل أن هذا الزلزال يعد الأقوي والأكثر تدميراً في المنطقة منذ ما يزيد عن مئة عام، ولذلك فقد نتج عنه الكثير من الآثار والنتائج الإنسانية والاقتصادية القاسية والصعبة، خاصة مع تلك الخسائر الكبيرة جداً بشرياً واقتصادياً واجتماعياً.

ونحاول في هذا التقرير رصد النتائج السياسية والاقتصادية علي الجمهورية العربية السورية، فعلي الرغم من أن الزلزال كان مركزه في تركيا، حيث أصاب عشرة محافظات تركية، بينما كان تأثيره علي جزء صغير في شمال سوريا، إلا أن النتائج السياسية والاقتصادية علي سوريا كانت أكثر تأثيراً، نظراً للظروف السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي تعيشها سوريا منذ أكثر من اثني عشر عاماً

في البداية يقول د. أحمد عبده طرابيك، الباحث في شئون آسيا والعالم التركي. أنه قد رافق عمليات البحث عن الناجين تحت أنقاض المنازل المنهارة، وتقديم الدعم والإغاثة للناجين من الزلزال، الكثير من الأعمال الإنسانية، وخاصة التي جاءت من خارج سوريا، والتي حمل الكثير منها رسائل سياسية من المتوقع أن يمتد أثرها إلي ما بعد انتهاء كارثة الزلزال، ويكون لها الكثير من الآثار والنتائج المترتبة علي علاقات سوريا، والعديد من الدول وخاصة التي كانت بينها وبين سوريا خلافات سياسية.

علي الرغم من أنه كان هناك بعض الدول العربية الداعمة للحكومة السورية، والتي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية معها، وفي مقدمتها سلطنة عمان والجزائر، إلا أنها ظلا عاجزين عن تحريك الحواجز التي تقف في طريق استعادة العلاقات بين سوريا وباقي الدول العربية، ناهيك عن الدول الغربية، وأكبر دلالة علي ذلك عدم قدرة الجزائر في توجيه الدعوة للدولة السورية للمشاركة في القمة العربية التي استضافتها الجزائر في الأول من نوفمبر 2022. 

لقد فتح الزلزال أبواباً لعلاقات انسانية بين سوريا والعديد من الدول التي كانت قد قطعت معها جميع العلاقات السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلي تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، وتعليق كافة أنشطتها في مؤسسات الجامعة العربية، وقطعت العديد من الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة السورية. تغير الموقف تماماً بعد الزلزال، حيث سارعت جميع الدول العربية إلي تقديم الدعم والمساعدة للشعب السوري، واتصل العديد من القادة بالرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة، وفي مقدمتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، كما أقامت المملكة العربية السعودية التي يوجد قطيعة بينها وبين الحكومة السورية جسراً جوياً لنقل المساعدات الإنسانية، وألمح وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في مداخلة له بمؤتمر ميونخ للأمن أن المملكة سوف تعيد حساباتها بالنسبة للعلاقات مع سوريا. فيما علت بعض الأصوات التي تنادي برفع الحظر الاقتصادي المفروض علي سورياً من أجل اغاثة المنكوبين، والعمل علي إعادة اعمار المناطق التي دمرها الزلزال.

يعتقد دكتور طرابيك، أنه سوف يكون هناك الكثير من النقاشات حول استعادة سوريا لمكانتها في جامعة الدول العربية، وأن تبادر العديد من الدول العربية، وبعض الدول الغربية إلي اجراء محادثات مع الحكومة السورية بهدف استعادة العلاقات فيما بينهم.

ويختتم دكتور أحمد طرابيك تحليله للنتائج السياسية لزلزال علي سوريا بقوله، أنه علي الرغم من الآثار والنتائج السيئة التي نتجت عن الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، والتي ستظل صوره ومآسيه عالقة في الأذهان لسنوات، وستصاحب الكثير من البشر طوال حياتهم، خاصة الذين فقدوا أبناءهم وأهلهم ومحبيهم. إلا أنه يمكن القول بأن هناك شعاع نور رقيق وسط كل هذا الظلام، وعلي الرغم من ضآلة هذا الشعاع وسط كل هذا الظلام الدامس، إلا أنه ربما يكون بداية لعهد جديد في علاقات دول المنطقة، التي تئن من كثرة آلامها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتي عواصف الطبيعية، ولذا فلربما تكون العلاقات السياسية هي الأفضل حظاً للدولة السورية في نتائج كارثة هذا الزلزال المدمر.

أما عن النتائج الاقتصادية لآثار الزلزال علي سوريا، فيقول الدكتور أشرف سمير، مدرس الاقتصاد، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، والاقتصادي الرئيسي بمركز بحوث الاستدامة، بالرياض، بالمملكة العربية السعودية. لا تزال تداعيات سلسلة الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا خلال فبراير 2023 حاضرة إلي أذهان العديد من الاقتصاديين ليس فقط بسبب قوة الزلزال وما نتج عنه من ضحايا بشرية، حيث قتل عشرات الآلاف وأصيبت أعداد أكبر، ولكن أيضاً بسبب الخسائر والأضرار المادية والاقتصادية والإجتماعية المصاحبة، خاصة في الشمال الغربي السوري كأكثر المناطق تضررا من الزلزال، إلي الحد الذي دفع عدد من المنظمات الدولية إلي وصف نتائجه بالمروعة. وربما تفاقمت آثار الزلزال الاقتصادية نتيجة الواقع السياسي المضطرب الذي تشاهده سوريا منذ ما يقرب من عقد من الزمن، إضافة إلي غياب سياسات الطوارئ الممنهجة ضد الكوارث الطبيعية في سوريا، كغيرها من من دول الشرق الأوسط. وهو ما فاقم من حدة الازمة الاقتصادية بها نتيجة ضعف وصول الموارد الغذائية والإمدادات الطبية لملايين السوريين.

فبالنظر إلي تقييم مخاطر الزلزال من الناحية الاقتصادية، والذي يمكن اعتباره أحد أكبر الصدمات التي طالت الاقتصاد السوري خلال الآونة الأخيرة، فقد فرض زلزال سوريا ضغوطاً جديدة علي الاقتصاد السوري الذي يواجه تحديات اقتصادية مسبقة وهو ما عزز من اشتداد الأزمة الاقتصادية على السوريين. ويعزو ذلك إلي الأضرار الناتجة عن تدميرالمباني والبنية التحتية والبنية الفوقية مثل المساكن والبنية التحتية التعليمية والصحية والمصانع والطرق والجسور واضطراب سلاسل امدادات المواد الأولية والأساسية التي تدخل في عملية الإنتاج وهو ما سوف ينتج عنه انخفاض معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة خلال الفترات القادمة.

ويضيف الدكتور أشرف سمير، أننا نلاحظ بأن الخسائر والأضرار قد طالت بشكل رئيسي البني التحتية لسوريا وتوقفت دوائر الانتاج بالمناطق المتضررة وضاعف من ذلك الاتجاه انقطاع مصادر الطاقة الكهربائية وإنهيار نظام الراعية الصحية وإنخفاض كفاءة الخدمات الصحية وضعف وصول الإمدادات الطبية العاجلة مثل المحاليل العلاجية والمسكنات والضمادات الطبية وأكياس الدم، لآلاف الأشخاص المتضررة من الزلزال. فوفقا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة، فقد نتج عن الزلزال أنهيار آلاف المباني وتدمير عدد كبير من المدارس والمستشفيات وهو ما فاقم من الأوضاع الإنسانية خاصة في لمناطق شمال غرب سوريا والتي يعتمد فيها ما يقرب من 4.1 مليون شخص علي المساعدات الإنسانية، غالبيتهم من النساء والأطفال، نتيجة الأزمة السياسية الراهنة.

وهناك بعد أخر يعزز من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يواجهة السوريين وتتمثل في ضعف وصول المساعدات- المالية وغير المالية- نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة وغياب السيطرة الحكومية علي الشمال الغربي السوري وهو ما يعوق الامدادات التي ترسلها المنظمات العالمية كمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمية، والتي تصل عادة عبر الحدود مع تركيا. وربما المبالغ التي دعت الأمم المتحدة إلي تقديمها كمساعدات أولية بنحو 400 مليون دولار في 14 فبراير 2023 لسكان سورياً غير كافية للتخفيف من الأضرار الاقتصادية الناتجة.

ويقول د. أشرف سمير، أن أحد أهم المشاكل الاقتصادية الرئيسية الراهنة تتمثل في إنكماش الناتج المحلي الإجمالي وأرتفاع معدلات التضخم وتذبذب سعر صرف الليرة السورية وهوما ساهم في إرتفاع أسعار السلع الأولية وتآكل الأجور الحقيقية ومن ثم أنخفاض القوة الشرائية للعديد من الأسر السورية الأكثر أحتياجاً ودخولهم تحت خط الفقر، كذلك فقد ساهم ذلك في مضاعفة تأثيرات الزلازال السلبية علي الفئات الهشة اقتصادياً مثل النساء السوريات والعمالة في القطاعات غير الرسمية نتيجة فقدان من يعولهم ويدعمونهم مادياً، وبالتالي فقدان مصادر دخلهم ودخولهم في دائرة الفقر المدقع. ويمكن أن يكون لذلك تأثيرات سلبية تمتد عبر الأجيال نتيجة زيادة معدلات التسريب من التعليم لتلك الفئات الهشة اقتصادياً نتيجة قيام تلك الأسر باستبعاد أطفالهم من المدارس لتعويض النقص في دخولهم.  إضافة إلي تفاقم مشاكل النازحين نتيجة تدمير البيوت في عدد من القرى الفقيرة ولعل ابرز مشاهد ذلك إنهيار السد الترابي بريف إدلب الشمالي والذي نتج عنه تهجير أهالي قرية التلول وغرق منازل وعدد من الحقول والأراضي الزراعية في القرى المجاورة مثل حردانة، ودلبيا، وجاكارا، وحمزية.

ويختتم دكتور أشرف سمير تحليله الاقتصادي علي نتائج آثار الزلزال علي سوريا بقوله، لابد من التأكيد أن الأزمة السورية الحالية هي أزمة مزدوجة- ذات أبعاد سياسية واقتصادية- حيث نتج عن الاضطرابات السياسية الحالية- لما يزيد عن عقد من الزمن- وضع اقتصادي هش  فاقم من الازمة الحالية الناتجة عن آثار الزلزال. فبلا شك فإن حجم تلك الأزمة وتشعب أبعادها وتأثيراتها السلبية علي رأس المال المادي يجعل من الصعب للغاية التأقلم والتعافي في أعقابها. ويتعين علي المنظمات الدولية العمل مع الشركاء محليين للاستجابة للاحتياجات المتزايدة للعائلات السورية المتضررة من جراء الزلزال وتعزيز جهود استعادة وإعادة بناء الأصول المدمرة- الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء. فهناك حاجة إلى تدابير سريعة وفعالة لتخفيف معاناة الأسر السورية نتيجة تأثيرات الزلزال. وتتمثل أبرز تلك التدابير بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (UNOCHA) في توفير الاحتياجات ذات الاولوية مثل الآلات الثقيلة لإزالة الحطام؛ الإمدادات الطبية؛ المأوى والمواد غير الغذائية مثل التدفئة؛ المساعدات الصحية. كما أن هناك ضرورة إلي توفير مزيد من التمويل والوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانية بشكل عاجل والعمل علي تعزيز قنوات النقل والتخزين والتوزيع لتيسير أعمال سلطات الأغاثة المحلية وتوفير المساعدات الاقتصادية لتغطية التكاليف الرئيسية المتمثلة في إعادة بناء المنازل والمواصلات والبنية التحتية، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لإيواء مئات الآلاف الذين أصبحوا بلا مأوى.

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار